الجزائر

سعداني لـ”الجزائر اليوم”: بوتفليقة قرر تأسيس الجمهورية الثانية وإنهاء الشرعية الثورية من خلال الدستور الجديد

عبد الوهاب بوكروح

كشف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في حوار لـ”الجزائر اليوم”، الثلاثاء 29 ديسمبر، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أراد تأسيس الجمهورية الثانية وإنهاء مرحلة الشرعية الثورية بناء دولة مؤسسات قوية، من خلال الإصلاحات الجوهرية العميقة التي سيخرج بها الدستور الجديد الذي سيعرض على الشعب شهر جانفي القادم، والذي نتوقع له أن يشكل مفاجئة للمعارضة في الجزائر وللمتبعين للشأن الجزائري في المحيط الدولي القريب والبعيد.

 

– “الجزائر اليوم”: وافق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الاثنين 28 ديسمبر، على المشروع التمهيدي لوثيقة الدستور، وأمر بإرسال الوثيقة إلى الشخصيات الوطنية والأحزاب وكذا نشر النص من خلال وسائل الإعلام للرأي العام، كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟  

 

– عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني: نحن نؤمن بعمق الإصلاحات التي قررها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال وثيقة الدستور الجديد، وكنا من المدافعين بشراسة على أن الإصلاحات التي قررها الرئيس ستكون مفاجئة حتى للمعارضة.

أؤكد لكم أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عزز من  خلال مشروع الدستور الجديد ركائز حقيقية وقوية لحماية الثوابت الوطنية والهوية والمثل والقيم التي تجمع الجزائريين وتوحدهم وتعزز لحمة الوحدة الوطنية، وضمن الدستور الجديد جملة من النقاط الأساسية التي تمنع الانحراف والإساءة للجزائر ولمؤسسات الجمهورية والاستخدام السيئ السلطة ومنع التدخل في عمل المؤسسات، كما وضع الرئيس في الوثيقة الجديدة للدستور موانع تضمن الفصل الحقيقي والنهائي بين المؤسسات وعدم التدخل في عملها على غرار عدم تدخل جهاز الأمن في عمل العدالة والمؤسسات الأخرى الذي اضر كثير بمؤسسات الدولة.

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أراد فعلا الذهاب بالجزائر إلى جمهورية ثانية من خلال الدستور الجديد وهذا وليس وهم أو حلم، نحن في جبهة التحرير دافعنا عنه لمدة سنوات وواجهنا الكثير من التحديات من أجله وقريبا سيصبح حقيقة ساطعة مثل الشمس.

الجمهورية الثانية التي سيؤسسها بوتفليقة من خلال الدستور الجديد، تعني دولة ديمقراطية على أسس اجتماعية توفر العدالة القوية لكل مواطنيها وتنهي مرحلة الشرعية الثورية التي دامت لأزيد من نصف قرن.

الجمهورية الثانية الذي سيبعثها بوتفليقة، ستخرج البلاد من الحالة الاستثنائية التي جاء بها دستور 1996 الذي وضع في ظروف استثنائية قاهرة على خلفية الظروف الأمنية الخطيرة والوضع الاقتصادي الصعب إلى حالة طبيعية، فصلا عن تمكين المجتمع الجزائري ومؤسسات الدولة المختلفة من العمل والسير الطبيعي كما كل الدول المستقرة والآمنة والقوية والديمقراطية في العالم.

وبالمناسبة يمكنني أن أؤكد لكم أن الدستور الجديد لن يمثل مفاجئة كبيرة للمعارضة الجزائرية بكل أطيافها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بل وسيشكل مفاجئة لكل المهتمين بالشؤون الجزائرية في المحيط القريب والبعيد في الخارج.

 

 نراكم تركزون كثير على موضوع الفصل بين السلطات في الدستور الجديد، لماذا؟ 

– نحن عانينا كثير من حالة عدم الفصل الحقيقي ين السلطات في الدساتير السابقة، ما سبب أضرارا كبيرة لسمعة الجزائر ولمؤسسات الجمهورية وللمؤسسات المختلفة في القطاع الاقتصادي والأحزاب والمنظمات والمجتمع.

الرئيس أراد وسيكون ذلك فعلا كمنم خلال الدستور الجديد، أن ينهي عهد تدخل جهاز الأمن مثلا في عمل العدالة، لقد تسبب هذا التدخل في تدمير المؤسسات وحالة سوناطراك ماثلة أمامكم.

 

– هناك من يقول أن الرئيس اضعف مؤسسات على حساب أخرى بهذه العملية؟ 

– لا ابدا لم يحصل ولن يحصل شيء من هذا القبيل. الرئيس بوتفليقة أعاد الأمور لنصابها ومسارها الطبيعي. الرئيس بوتفليقة عمل على تعزيز وتقوية وإعطاء المناعة الكافية واللازمة لكل مؤسسة لتعمل في إطار الدستور، ومكنها من وسائل العمل واليات العمل وأعطاها وسائل حماية نفسها ضد التعسف والتدخل في عملها، وهذه هي دولة القانون ودولة المؤسسات القوية السيدة التي سيوفرها الدستور القادم.

الاعتقاد بأن بوتفليقة عمل على إضعاف جهاز الأمن، هو وهم لا ساس له من الصحة وسيثبت ذلك الدستور القادم.

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أراد أعطاء الحصانة والقوة اللازمة لكل المؤسسات الدستورية ونجح في ذلك من خلال الصيغة التي ستعرض قريبا على الرأي العام.

 

– تحدث بيان رئاسة الجمهورية على إرسال الوثيقة للشخصيات والأحزاب والرأي العام، كيف ستعرض الوثيقة على الرأي العام؟ 

– الرئيس بوتفليقة يريد مشاركة واسعة بأكبر ما يمكن في النقاش حول الدستور من اجل الوصول إلى إجماع حول النص، ولذلك سيتم فصلا عن إرسال النسخة للأحزاب والشخصيات التي شاركت في المشاورات حول الدستور، سيتم أيضا نشر النسخة كاملة للرأي العام ي الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة.

 

– تحدثتم كثيرا عن المعارضة وقلتم أن الدستور القادم سيشكل لها مفاجئة أعلى من سقف مطالبها هي بحد ذاتها؟ 

– الدستور القادم سيمد المعارضة البرلمانية بوسائل كي تؤدي دورها بأكثر فعالية على غرار إخطار المجلس الدستوري، وهذا لم يكن في الدساتير السابقة، ولا يوجد حتى في كثير من الدول، بالإضافة إلى جعل المؤسسات الرقابية قوية وقادرة على لعب دورها على أحسن وجه وفي إطار الشفافية، ولا تعمل بطريقة رمزية وفي نفس الوقت لا تعمل بالإيعاز منة جهات في الوقت الذي تريد.

الرقابة التي تتحرك بإيعاز من جهات محددة بعينها، ليس رقابة وعملها لن يكون جديا ولن تكون له قيمة. وحالة سوناطراك خير مثال، هناك جهات كانت تتحرك جهات الرقابة عندما تريد إسقاط شخص معين.

الدستور القادم سيعزز آليات الرقابة في المجالات السياسية والاقتصادية والعدالة ويدرج لأول مرة أيضا موضوع المساءلة لان موضوع المساءلة اليوم غير موجود لا يمكن مساءلة أي جهة كانت إلا اذا كان الغرض هو تكسيرها وتلطيخ صورتها لسبب من الأسباب، وهذا الوضع سينتهي مع الدستور القادم.

مؤسسات الرقابة ستوفر لها الآليات والإمكانات التي ستمكنها من أن تتحرك وفقا لضميرها وبكل حرية وطبقا للواجب.

نحن عندما نقول للمعارضة عليكم المساهمة وتقديم المقترحات، لأننا نعلم عليم اليقين أنها ستأخذ بعين الاعتبار في الدستور القادم، لأن الرئيس بوتفليقة  يريد دسترة حق المعارضة البرلمانية لكي يوفر لها الحماية.

مثلا آلية مراقبة الانتخابات مستقلة هذه النقطة موجودة والرئيس وضعها في الدستور الجديد، ثم أن بوتفليقة لايمهمه أن يكون على رأسها ممثل من حزب العمال أو من التجمع من الثقافة والديمقراطية أو جبهة القوى الاشتراكية أو الأحزاب الإسلامية، الرئيس يتعامل مع الجميع على أساس أنهم سواسية، وهذا خدمة للديمقراطية من اجل المزيد من اجل المزيد من الحوكمة والشفافية والمساءلة ومنع التجاوزات مهما كان نوعها وطبيعتها، وهو ما سبق وقلنا وطالبنا به ونادينا به عاليا وبصوت مرتفع بخصوص الدولة المدنية لاننا نؤمن بذلك ونؤمن بان الرئيس يريد ذلك وبعمق.

 

– هناك من انتقدكم قائلا أن الدولة المدنية التي تطالبون بها لن تتحقق على ارض الواقع؟ 

– الدستور القادم سيأتي بدولة مدنية فيها الفصل بين السلطات والقضاء الحر الذي لا يعمل بالأوامر من جهات غامضة، فيها الديمقراطية فيها حقوق الإنسان فيها تعزيز حقوق المواطنة وجعل غرفتي البرلمان تعمل بحرية وشفافية وتقرر فعلا وتصدر القوانين فعلا وتراقب عمل الحكومة فعلا ويعلب البرلمان بغرفتي دورها كاملا وإنهاء الحالة الراهنة التي جعت منهما مجرد آلة للتصويت، فيها معارضة تقيم وتقوم بكل حرية، فيه الحكام يساءلون هذه هي الدولة المدنية التي تحدثت عنها ودافعت عنها بكل قوة.

 

– بعض الجهات تقول أن نقطة المساءلة في الدستور القادم هو ورقة تساوم به جبهة التحرير الوطني وتزايد به على  جهات بعينها؟ 

– المساءلة ستكون في الدستور القادم حقيقة ونحن لا نزايد بذلك.

سيضمن الدستور القادم المساءلة لجهاز الأمن وللعدالة ولرئيس الجمهورية في حد ذاته وللحكومة والوزراء والمسؤولين على مختلف المستويات، في إطار الشفافية، لأن الرئيس لا يريد الحكم المستبد لان الجزائر خرجت لغير رجعة من الحكم الأحادي الإستبدادي، وهذه الآليات الشفافة ستمنع الجميع من العودة للتجاوزات.

 

– وماذا عن العهدات في الدستور القادم؟ 

الدستور القادم سيضع كل الضمانات الكافية للتداول السلمي الحر الديمقراطي على السلطة، من خلال عدالة قوية ومؤسسات قوية وفصل حقيقي بين السلطات وبالتالي تصبح مسألة احترام العهدات آلية، لأنه لا يوجد شخص يستطيع وقتها التجاوز أو اللعب بالدستور أو يغير مواده لأنه بساطة لن يستطيع.

 

– لماذا تأخر تعديل الدستور كل هذه المدة منذ 2011 في نظركم؟ 

– الرئيس أعطى للجميع الوقت الكافي للتفكير والمساهمة والمشاركة في المقترحات، وسيمكن الجميع مرة أخرى من الوثيقة التي ستنشر للرأي العام عبر وساءل الإعلام للاطلاع عليها ومناقشتها.

ثم أن الرئيس يعلم أن هذه الخطوة ستقنع الجميع وسيتأكد الجميع أن الضمانات التي تحدث عنها الرئيس حقيقية، وأيضا من صلاحيات الرئيس أن يعلم الرأي العام بالوثيقة النهائية التي يريد تقديمها للمجلس الدستوري والبرلمان لأن إرادة الرئيس بوتفليقة ونيته الخالة في وضع دستور يحصل على إجماع وموافقة الشعب الجزائري بكل مكوناته وأطيافه.

الوثيقة، وثيقة الدستور القادم ستنشر كاملة للرأي العام قبل إرسالها للمجلس الدستوري والبرلمان، حتى يكون الرأي العام على بينة من أمره بأن الدستور الذي سيصوت عليه هو دستور مقنع.

 

– بالنسبة لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، كيف تتوقعون أن تكون نتائج العملية الانتخابية؟ 

– نحن نقول أن المعارضة تحالفت كلها ضد حزب جبهة التحرير الوطني، كل الأحزاب تحالفت ضدنا.

ولكن اطمأن الجزائريين أن جبهة التحرير الوطني بعمقها ومناضليها ورصيدها وتجربتها وإمكاناتها ذاهبة للفوز بإذن الله، وستواجه هذا التحالف غير الطبيعي وغير المسبوق الذي تشكل ضدها، وستفوز بإذن الله، لأننا نملك رهان وهو الفوز بالغرفة الثانية والحصول على الريادة كما كانت دائما الجبهة.

 

وماذا عن رئاسة مجلس الأمة؟ 

هذه مسألة بيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ونحن لا دخل لنا فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى