مما تخاف أمريكا : السنة ام الشيعة ؟
خليفة ركيبي
مما تخاف أمريكا حقا ، هل من الارهاب ذو الصبغة السنية ام الشيعية ؟في سنة 2008 ، اي قبل ظهور تنظيم “داعش” و قبل الحرب الأهلية السورية ، اصدر مركز مكافحة الارهاب بالأكاديمية “وست بوينت west point” العسكرية (من اكبر المدارس العسكرية بأمريكا ) تقريرا تحت عنوان ” الارهاب السني و الشيعي : الاختلاف الذي يهم” بقلم العقيد توماس لينش و هي دراسة مقارنة بين فيها المؤلف الفرق بين استخدام التيار السني للعنف و الارهاب خاصة و التيار الشيعي بالرغم من ان استخدام مثل هذه التوصيفات الدينية (سني –شيعي) غير محبذة في الدوائر الاكاديمية الامريكية .
ما يهمنا طبعا في الدراسة هي النتائج التي توصل اليها الباحث (فهي جزء من دراسة اعم و اكثر تفصيلا لنفس المؤلف) فالعقيد في الجيش الامريكي يعتقد ان الجماعات و التنظيمات السنية تفضل استخدام الارهاب بشكل يوقع اكبر عدد من القتلي اما التيار الشيعي في المقابل فيميل الى “القتل الانتقائي ” .
اضافة الى ذلك ، فالتنظيمات السنية متعددة بخلاف الشيعة فالاعمال العدائية للغرب عامة و لامريكا خاصة جاءت اما من حزب الله اللبناني او الميليشيات النظامية [1]و الاجهزة الاستخباراتية الايرانية . ما يهمنا حقيقة هو ان الباحث يصل الى هذه النتيجة : اي حملة شيعية “ارهابية ” ضد المصالح الامريكية ( و الاسرائيلية طبعا) ستكون خطيرة و مدمرة و ستعرض الامن القومي الامريكي لأخطار متشابكة [2] و بالتالي يضع المؤلف مجموعة من الاجراءات الوقائية التي من خلالها تستطيع امريكا من ان تقلل من احتمالية اي اعتداء ارهابي دو صبغة شيعية و لكن هذا لا يعني ان المؤلف لم يتطرق الى الارهاب دو الصبغة السنية . في النهاية ، الارهاب السني على حد قو ل الكاتب ذو مراجع فكرية متعددة في حين ان الارهاب الشيعي يتبع مدرسة واحدة هي التي تخطط و تنظم و تأمر : دولة الملالي في ايران ، لكن الاحصائيات تقول غير ذلك .
ما بين 1995 و 2005 ، تعرضت امريكا الى 555 اعتداء ارهابي من ضمنها اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 . عدد الذين قتلوا من الامريكيين في هذه الاعتداءات يقدر ب 3216 ضحية ، في حين ان عدد القتلى من المواطنين الامريكان خارج الولايات المتحدة يقارب 3576 ضحية ، اغلب هؤلاء الضحايا قتلوا في اعتداءات ارهابية من فعل تنزم القاعدة الام و المنظمات المنتمية اليه في شبه الجزيرة العربية ، باكستان ،افغانستان و العراق [3]. اي ان عدد الذين قتلوا من المواطنين الامريكين في الخارج اعلى من هؤلاء الذين قتلوا في الداخل (داخل الولايات المتحدة الامريكية )[4]. اكثر من ذلك ، فبحسب وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون ) و الكونغرس الامريكي ، فان عدد “العسكريين الامريكيين ” الذين قتلوا في اطار ما يعرف ب”الحرب على الارهاب War On Terror باكثر من |6000 قتيل و 31 الف جريح [5] حتى ان عدد الاشخاص في قاعدة بيانات وزارة الخزانة الامريكية اغلبها تنتمي الى تنظيمات و دول “سنية”[6] مع الاخذ بعين الاعتبار مجموعة المؤسسات و الاشخاص الذين كانوا ضمن قائمة العقوبات ضد ايران [7].
في الحقيقة ، ان السياسة الامنية الامريكية لا تعتبر ان التيار الشيعي “تهديد ” ارهابي محتمل ضد الامن القومي الامريكي و ما “الحالة العراقية” الا اكبر دليل على هذه “القناعة الامريكية” حتى و ان سلمنا انها ظرفية و حتى و ان سلمنا بالسعي الحثيث الامريكي و الغربي لتدمير القدرات النووية الايرانية عن طريق العقوبات ثم الاتفاق النووي الاخير . ان المؤسسة الامنية الامريكية US Security Establishment ترى ان “التيار السني” هو الاكثر ميلا الى التطرف و هو الاكثر تمسكا بمبدا الجهاد كمبدا عقائدي ، و هو الاكثر تركيزا على الغرب عموما و امريكا خاصة فلذا فان “السنة” و خاصة التنظيمات المتطرفة او التي يطلق عليها توصيف ” التنظيمات الجهادية ” ستبقى تشكل التهديد الاخطر للامن القومي الامريكي داخليا و خارجيا .
[1] المقصود بها الحرس الثوري الايراني
[2] انظر الدراسة COL Thomas F. Lynch III(December 29, 2008), Sunni and Shi’a Terrorism
Differences that Matter, Occasional Paper Series, Combating Terrorism Center,West Point Military Academy .
https://www.fas.org/sgp/crs/terror/R41070.pdf[3]
[4] American Deaths in Terrorist Attacks, 1995-2015The National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism (START), September 2016
Nese F. DeBruyne &Anne Leland(January 2, 2015) American War and Military Operations
Casualties: Lists and Statistics; (Report) Congressional Research Service, Washington DC, pp 22-26[5]
[6] https://www.treasury.gov/ofac/downloads/sdnlist.pdf
[7] https://www.treasury.gov/resource-center/sanctions/Programs/Pages/iran.aspx