أراء وتحاليلالرئيسيةسلايدر
أخر الأخبار

محمد بن سلمان ينتقم من “حزب الله” ولبنان بعد هزيمته المدوية في عاصفة الحزم

عبد الخالق محمدي

حتى قبل 6 سنوات من اليوم قلنا في هذه الجريدة علنا، إن إعلان “عاصفة الحزم” هي لعبة خطرة وقرار مكلف جدا للسعودية والإمارات العربية المتحدة ودول التعاون الخليجي المنخرطة معهم، وأن بن سلمان أصغر من أن يستطيع هزم الشعب اليمني العصي على كل تطويع منذ الأزل.

نقول اليوم هذا الكلام، بعد أن طلعت علينا دول الخليج الذي تحولت إلى قاطرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بنقل معاركها الظالمة على الشعب اليمني، إلى لبنان، بحجة تصريحات أدلى بها الإعلامي والوزير في الحكومة اللبنانية الحالية جورج قرداحي، أنتقد فيها الحرب على اليمن، ووصفها بالظالمة.

نعم نقولها بصراحة، هي حرب ظالمة وعدوان صارخ ضد أصل العرب، ضد رمز العرب على مر التاريخ، من طرف غطرسة دول مجلس التعاون الخليجي، الذين دمروا قبل اليوم أيضا العراق وسوريا وليبيا، وبالكاد سلمت منهم الجزائر، إنهم وبقيادة محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، يريدون الانتقام من لبنان الذي لا يريد الانبطاح تحت أقدام الكيان الصهيوني.

725 مليار دولار تكلفة الحرب على اليمن في 4 أعوام الأولى

ستبلغ “عاصفة الحزم “ سنتها السابعة في أبريل 2022، ولا ضوء في نهاية النفق، رغم التكلفة الفلكية للحرب على اليمن التي سيتحملها في نهاية المطاف الشعب السعودي. لقد كشفت تقرير لمجلة “فورين بوليسي” نشر في ديسمبر 2019، أن كلفة الحرب على اليمن بلغت إلا غاية هذا التاريخ 725 مليار دولار ( نعم725 مليار دولار ) وهو رقم فلكي لو أنفق على تنمية السعودية ذاتها واليمن لتجاوز الناتج القومي لهما دول منظمة التعاون والتنمية ولا تحولت إلى دول متطورة.

وإلى جانب الخسائر المادية التي تكون قد تعدت 1000 مليار دولار اليوم، فهناك خسائر بشرية من أطفال اليمن ونساءه وشيوخه، ناهيك عن بنيته التحتية التي عادت إلى زمن المسيح عيسى عليه السلام، فضلا عن الركود الاقتصادي الذي ضرب السعودية ذاتها حيث تزامنت الحرب مع أزمة أسعار الطاقة منذ 2014 وتململ العائلة المالكة السعودية وبداية تفككها وسجن أهم رموزها في فندق الريتز بالعاصمة الرياض، قبل أن يصل الامر إلى اغتيال الصحفي جمال خاشقجي بسفارة بلاده بتركيا.

ماهو الجرم الذي اقترفه الوزير جورج قرداحي، حتى تقرر مشيخات الخليج الفارسي، معاقبة لبنان، ولماذا لم تتطاول تلك المشيخات على “الكوبوي” الأمريكي دونالد ترامب، لما أعلنها صراحة أن هؤلاء “الأبقار” بتعبير ترامب، لا يصلحون سوى لحلبهم، وأنهم من دون حماية أمريكا سيعودون إلى زمن الجمال، وأـن عليهم أن يدفعوا رغما عنهم.

الحقيقة التي قالها جورج قرداحي، لا تساوي شيئا مقارنة مع الإهانة الصريحة التي قالها دونالد ترامب الذي حصل على مكافئة مقابل ذلك تقدر بـ 450 مليار دولار، في حين يسعى عربان الخليج إلى تجويع الشعب اللبناني وتركيعه.

لماذا ترك عربان الخليج الفارسي، الشعب اللبناني بدون وقود وبدون كهرباء ولم يسعفوه ببرميل نفط، ولم يجد سوى الدولة الإيرانية وحزب الله وسوريا، الذين تحدوا مجتمعين العقوبات والتهديدات الامريكية الإسرائيلية وقانون قيصر، واسعفوا الشعب اللبناني بالوقود الذي وصل عبر ميناء بانياس السوري وشاحنات حزب الله.

ماذا فعل العرب بـ 15 مليون برميل من النفط التي تنتجها السعودية والامارات، غير الخراب والدمار والقنابل التي تلقى على رؤوس اليمنيين والسوريين والليبيين وقبلهم العراقيين. ولماذا استفاق هؤلاء اليوم للنبش في تصريحات قرداحي التي سبقت عملية تعيينه في حكومة ميقاتي.

إن الذي يحرك عربان الخليج الفارسي هو انخراطهم المطلق في المؤامرة الامريكية الفرنسية الإسرائيلية ضد صواريخ حزب الله، بعد فشلهم في تفجير حرب أهلية لشغل الحزب ونزع ترسانته من الصواريخ الدقيقة.

أن يصف قرداحي أو غيره، الحرب اليمنيّة بأنّها عبثيّة، فهذا لا يمكن أن يصل إلى حد أن تقوم أربع دول خليجيّة باستدعاء سُفراءها من لبنان وطردت السّفراء اللبنانيين في عواصمها، بشَكلٍ مُهين، وغلق الحُدود أمام وارداتها من لبنان، وحوّلت اللبنانيين العاملين فيها إلى رهائن، وورقة مُساومة ضد حكومة ميقاتي.

الغريب فيما حصل هو حضور القائم بالأعمال الأمريكي في اجتماع لمسؤولين لبنانيين موالين للسعودية. ريتشارد مايكلز، الذي يكون وراء التحريض على طلب استقالة قرداحي، يسعى كما السعودية وفرنسا وإسرائيل، إلى اشعال فتيل الحرب الأهلية.

لا يمكن أن يكون القائم بالأعمال الأمريكي في بيروت يجهل بُنود مُعاهدة جنيف الدوليّة المُتعلّقة بالعمل الدبلوماسي، التي تنص على أن السّفراء والعاملون في سفارتهم يقفون على الحِياد، وعدم التدخّل في شُؤون الدّولة الذين يتواجدون على أرضها.

السيطرة على مدينة مأرب أخر مسمار في نعش الحرب السعودية على اليمن

إن تصريحات جورج قرداحي، هي مجرد غطاء لما يخطط للدولة اللبنانية، وحتى لو لم يصرح قرداحي، لوجدوا ذريعة أخرى، لأن الخلفية الحقيقية هي الهزيمة السعودية أمام “أنصار الله الحوثية” المدعومة من حزب الله اللبناني سياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا، خاصَّةً أن الحركة وحُلفاؤها باتت على بعد خطوة واحدة من السّيطرة على مدينة مأرب التاريخيّة، واحتِياطاتها النفطيّة والغازيّة الهائلة بالتّالي. هذه هي الحقيقة التي لا يريد محمد بن سلمان الاعتراف بها.

إن التنديد بهذه الردة العربية الخطيرة، لا يعني مطلقا الاصطفاف إلى جانب الحوثي، فتلك مسألة يمنية داخلية لا تعنينا إطلاقا، ولكن هذا لن يثنينا عن قول أن دول خليجية بعينها باتت تشكل سرطانا في الجسم العربي.

النظام السعودي الذي يربطه تحالف بيت العنكبوت مع نظام أبو ظبي، لم يكتفي بإبادة الشعب اليمني، بل انتقل إلى إبادة الشعب اللبناني وتجويعه رضوخا للمسعى الأمريكي ـ  الصهيوني، رغم أن القرار لم يلقى اجماعا حتى داخل البيت الخليجي، فلا سلطنة عمان ولا دولة قطر الملدوغة من نفس النظام الذي حاصرها قبل فترة، ومع ذلك غامر بالسير مغمض العينين خلف حليفه الأمريكي والصهيوني، ماضيا إلى حتفه من حيث لا يدري.

لن نتوقف عن القول أوقفوا هذه الحرب الظالمة والعبثية، لأنها ليست حربكم والمستفيد الوحيد منها هو المجمع الصناعي العسكري الأمريكي والكيان الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى