اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

لهذه الأسباب شركات التأمينات لن تعوض 5 ملايين حادث سيارة!

 

نسرين لعراش

أشارت أرقام رسمية صادرة عن المجلس الوطني للتأمينات، إلى إن قطاع التأمينات الجزائري دخل في مرحلة غيبوبة حقيقية قد تعجل بانهياره الوشيك، وخاصة في حال استمرار المسؤولين في لجنة الضبط ومديرية التأمينات على مستوى وزارة المالية صم أذانهم حيال تحذيرات الاستغاثة.

وكشفت الأرقام التي تناولت حصيلة القطاع لعام 2015 ونشرها المجلس الوطني للتأمينات الذي يعتبر هيئة استشارية يترأسها وزير المالية، أن التأمين على الأضرار بلغ 93 % من إجمالي السوق الجزائرية للتأمينات.

إلا أن القطاع سجل نسبة نمو ضعيفة للغاية لم تتجاوز 0.2%بما يعادل 193 مليون دج، فيما بلغ إجمالي تعويض الخسائر 2 مليار دج خلال نفس الفترة بما يعادل 10 مرات الحصيلة الذي حققها القطاع وهي 193 مليون دج.

ويضيف التقرير الذي أطلع عليه وزير المالية ولجنة الإشراف ومديرية التأمينات بوزارة المالية وجميع الخبراء والفاعلين في القطاع، أن مخزون الحوادث القديمة والحوادث الجديدة التي لم يتم تسويتها بعد، أنتقل من 61 مليار دج إلى 66 مليار دج بزيادة بلغت 5 مليار دج وهو ما يعادل 25 مرة حصيلة القطاع، مما يعني أن إجمالي نمو تعويض الخسائر المقدر بـ2 مليار دج ونمو المخزون القديم والجديد يقدر في الحقيقية بـ7 مليار دج، في مقابل نسبة نمو بـ 0.2% في 2015 تعادل 37 مرة اقل من مجموع الخسائر الذي يستوجب على القطاع تعويضها، وهو ما يعني أن قطاع التأمينات الجزائري في حالة عجز وتوقف تام عن السداد حقيقية.

وللتغطية على الكارثة الحقيقية تقوم شركات التأمين العمومية والخاصة، بالتلاعب بالارقام من خلال اللجوء لممارسات إحتيالية خطيرة لتزوير الحقيقة عن طريق فنيات تسمح بإبراز نتائج وهمية تغطي على عيوب الشركات العمومية والخاصة وتسمح للشركات الأجنبية بتحويل أرباح إلى الخارج على ظهر الزبون الجزائري الذي لن يحصل على أي تعويض.

وتبين الأرقام الخطيرة التي بحوزة “الجزائر اليوم”، أن الجهات الرقابية في وزارة المالية ومنها هيئة الإشراف ومديرية التأمينات عاجزة عن الحركة بسبب خطورة الوضع، لأنها لا تستطيع مطالبة شركات التأمينات بتعويض 5 ملايين ضحية مؤمن له في حالة انتظار منذ سنوات، بسبب تفاقم المبلغ الإجمالي للتعويضات التي تنتظر التسوية إلى ما يناهز 7 مليار دج، مما دفع بسلطات الضبط والمراقبة والإشراف إلى ممارسة سياسية الهروب إلى الأمام إلى حين انهيار المنظومة بشكل تام.

ولا تتدخل وزارة المالية (مديرية التأمينات وهيئة الإشراف) لفرض قانون التأمينات الساري المفعول(2006) الذي ينص على ضرورة تعويض المؤمن لهم في مجال حوادث السيارات(باستثناء الحوادث الجسمانية)في غضون 60 يوما على أقصى تقدير، تحت طائلة الغرامات التأخيرية، وهو البند الذي لا تحترمه الغالبية العظمى من شركات الـتأمينات العاملة في الساحة.

وتشير الأرقام التي بحوزة “الجزائر اليوم”، إلى لجوء شركات التأمينات وخاصة الأجنبية إلى ﺗﺣدﻳد ﻣؤوﻧﺎت منخفضة لتعويض المؤمن لهم مما يسمح لها بتخفيض نفقاتها وبالتالي زيادة حصيلتها بطريقة صورية ما يمكنها من تحويل الأرباح إلى الخارج، كما ترفع أيضا هذه الشركات تكاليف المساعدة التقنية من الشركات الأم في الخارج وأجور الخبراء الأجانب التي تبلغ في بعض الحالات 5000 أورو لليوم الواحد، فضلا عن شراء برامج الحماية وبرمجيات معلومات وغيرها، وهو ما يعد بمثابة تحويل صاف للعملة الصعبة.

 

من سيعوض الزبائن في حال إفلاس شركات التأمين؟

من المؤكد أن الحالة الاقتصادية الراهنة للجزائر تجعلها غير قادرة على تحمل فضيحة مالية جديدة في قطاع التأمينات، وخاصة أن الخزينة العمومية لا تتوفر في الظروف الراهنة على موارد كافية لتعويض 5 ملايين ضحية جديدة وهو عدد المؤمن لهم الذين ينتظرون تعويضهم في حوادث سيارات منذ سنوات.

وعلى الرغم من نجاح شركات التأمين العمومية والخاصة في إخفاء الحقيقة لسنوات طويلة، إلا أن حصيلة العام 2015 فضحت المستور، ولم يعد هناك من بد سوى الاعتراف بالجرم وفضح الأمور والاعتراف بأن وضعية قطاع التأمينات الجزائري على وشك الانهيار، وكشف السبب الحقيقي الذي أوصل الجميع إلى هذه النقطة وهو حرب الأسعار التي اندلعت منذ سنوات والغياب التام والكامل لهيئة الضبط وهيئة الرقابة التابعة لوزارة المالية.

وسمحت الأزمة المالية الناجمة عن انهيار أسعار البترول عن كشف المستور، بعد احتراق ورقة التوت التي كانت تغطي عورة الجميع.

 

اللجوء لسياسات الإغراق وتخفيض مؤونات تعويض المؤمن لهم

تكشف أرقام المجلس الوطني للتأمينات عن جريمة خطيرة للغاية لجأت إليها شركات التأمين العمومية والخاصة، وهي ممارسات تتعارض من القوانين الوطنية الدولية في المجال، ومنها اللجوء المفرط إلى عمليات إغراق في مجال الأسعار المطبقة في عقود التأمين، حيث تقوم الشركات ببيع عقود مقابل تخفيضات تصل إلى و60 و70و80 وحتى 90% وهي في الحقيقة تغرير بالزبائن، لأن هذه الشركات تعلم في قرارة نفسها أنها لن تعوض هؤلاء الزبائن في حال حصول حوادث (وهو ما وصلنا إليه اليوم) حيث يوجد حوالي 5 مليون زبون في انتظار تعويضهم يوما ما.

ويقدر متوسط التعويضات المتفق عليه بين شركات التأمين لكل ملف حوادث مرور في سنة 2011 بما يعادل 40000 دج مقابل 63000 دج للعام 2015، في حين تقوم شركات التأمين إلى حيل خطيرة جدا وهي تخفيض قيمة التعويض لكل ملف(مؤونة التعويض) إلى أقل من 20000 دج (أقل 1/3 القيمة الحقيقة) هناك شركات تخصص مبلغ 6000 دج فقط، وهنا مربط الفرس، والسؤال، لماذا لم تتدخل وزارة المالية والهيئات التابعة لها؟

وفي حال تطبيق معدل تصفية الملفات المتفق عليه بين شركات التأمين الموقعة في عام 2011، والمقدرة بـ33000 دج فإن المتوسط الإجمالي لتصفية كل الملفات البالغ عددها حوالي 4.8 مليون ملف، لن تقل عن 162 مليار دج، وهذا خارج حساب الحوادث الجسمانية التي عادة ما تكون مكلفة أكثر وخاصة في حالات الوفاة، مما يرفع العجز الحقيقي إلى حوالي 200 مليار دج ما يعادل 2 مليار أورو، فهل تعلم وزارة المالية مدى خطورة الملف؟

 

هل تستطيع شركات التامين تعويض الزبائن؟  

في الظروف الحالية من المستحيل على شركات التامين تعويض الزبائن الذي يناهز عددهم 5 ملايين حادث سيارة. والسبب هو أن كرة الثلج كبرت إلى الحد الذي يجعل مجرد التعامل معها سيؤدي إلى الانهيار التام للمنظومة. والخطير في الأمر أن وزارة المالية وهيئة الضبط، أصحبت كل منهما في وضع المتفرج العاجز عن التدخل، في حين تواصل شركات التأمين مراوحة المكان زاعمة أنها تقوم بتصفية ملفات 2010 و2011 و2012 وحتى ملفات 2008، وهي في الحقيقة عاجزة عن القيام بالمهمة بشكل صحيح لأنها لا تملك الأموال الكافية لدفع حقوق المؤمن لهم، وهي الوضعية التي تزداد تأزما يوما بعد آخر منذ 2015 بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالجزائر.

ومن المؤكد أن وزارة المالية وسلطة ضبط القطاع يتم إبلاغهم دوريا بحقيقة الوضع الراهن، وهو ما تم مؤخرا مع شركة تأمين عمومية بلغ عدد ملفات الحوادث التي تنتظر التسوية أزيد من 2 مليون زبون، ولكنها عجزت عن دفع المستحقات في إطار التسوية بين الشركات بسبب وضعها المالي الصعب للغاية، والمفاجئة أن وزارة المالية وهيئات الرقابة لم تحرك ساكنا، ليتم وضع الزبائن كرهائن في مشكلة لا علاقة لهم بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى