أراء وتحاليلالجزائرالرئيسيةسلايدر

عنف “إسلاموي- علماني” مُبرمج لإغراق الجزائر في الفوضى

زكرياء حبيبي

مع تسارع الأحداث والاحتجاجات، وتبنّي أولئك الذين نصبوا أنفسهم “قادة” لـ”الحراك”، لسياسة “الأرض المحروقة”، تكشف وتؤكدّ أن هؤلاء هدفهم بكلّ تأكيد هو القضاء على “مفهوم الدولة الوطنية”، لتسهيل عمليات ترويض الشعب الجزائري وتدجينه، وإبقائه في زريبة “آل الحركى والخونة” ومن يسير في فلكهم من كبار ناهبي أموال الشعب.

وصلت إلى هذه القناعة كغيري من غالبية الجزائريين، بعدما رأيت كيف أن من يدّعون أنهم رموزا وقادة للحراك، يريدون تحويل البلاد إلى” مذبح ومخبر للفوضى الخلاقة”، لنصل إلى حقيقة أكيدة ومؤكدة وهي أن هذه “المعارضة” تجمع في صفوفها كلّ المتناقضات، من الإسلاميين المتطرفين كعناصر “حركة رشاد” الإرهابية، إلى العلمانيين المتشددين كحركة “الماك”… وكل طرف يحاول استخدام “الحراك” هذا لضمان تموقعه في الساحة السياسية، وتحقيق مكاسب سريعة، ولو على حساب دماء الشعب الجزائري، الذي تدعي كل الأطراف بأنها تدافع عنه، وكلّ ذلك في ظرف إقليمي ودولي خطير للغاية، بات يتهدّد أمننا القومي وسيادتنا ووحدتنا الوطنية.

أقول ذلك، لأن ما يحدث حولنا، كان من الضروري أن تنتبه إليه السلطة الفعلية في البلاد، وتُسارع إلى تحصين الجزائر، وإكسابها مناعة قوية ضد أي تحرش بالبلاد، والمناعة هذه طريق تحقيقها واحد لا غير، وهو توفير شروط الانسجام الداخلي، والتوافق على المبادئ الأساسية لكيان الدولة، بين السلطة وكلّ أطياف المجتمع، وأكثر من ذلك كلّه، كان من الضروري أن تُسهم السلطة في تقوية الوطنيين، بما يكفل ويضمن مُشاركتهم الفعلية في الدفاع عن الجزائر، لا أن تقوم –كما هو الحال في الوقت الراهن-، بإقصائهم وتهميشهم، والدفع بهم للمعارضة الراديكالية للسلطة القائمة !، وغالب الظن أن بعض النخب التي خرجت لانتقاد الرئيس تبون، أرادت أن تقطع الطريق أمام أية جهات قد تركب موجة الاستياء الكبير من حاشية تبون، وحكومته، لنشر ثقافة العنف التي ستفتح الباب واسعا على كلّ الإحتمالات، خاصة بعد الذي رأيناه ولا نزال نراه في عديد الدّول التي عصف بها “الربيع العربي”.

أهم ما أثار انتباهي خلال الفترة الأخيرة، أننا بتنا نرى مشاهد ونسمع تصريحات ونقرأ تعليقات تستعمل ألفاظا ومصطلحات ومظاهر تُحيلنا على قاموس التكفيريين الذين يُذبّحون ويُنكلون بالمدنيين في سوريا وليبيا… وتُعيدنا إلى سيناريوهات المأساة التي ضربت الجزائر في العشرية الحمراء، وهذا ما يدعو للقلق، والتساؤل بجدّ عمّا إذا لم نكن قد اخترقنا بالفعل من قبل أجهزة القوى التي صنّعت مُؤامرة “الربيع العربي”، والتي أوعزت لبعض أدواتها المحلية، بركوب موجة الاحتجاجات السلمية.

لكن ما دام أنهم يُنفّذون مُخططات أسيادهم من مُهندسي مُؤامرة “الربيع العربي” والتي تستهدف بالدرجة الأولى ضرب المُؤسسة العسكرية، وإضعافها، لإيجاد الثغرات التي تسمح بالدخول الآمن للمُتآمرين إليها، وهو ما لمسناه عديد المرات من خلال التصريحات الخرقاء لأشباه السياسيين والإعلاميين كتصريحات وتصرفات عديم الأخلاق والتربية كريم طابو وكل من سار في فلكه، والتي تحاملوا فيها على جهاز المخابرات الجزائرية، وهو ما أصبحنا نلمسه في بعض الشعارات التي تخلط بين “السلطة” ومؤسسة الجيش، وتُندد بهما معا، فالأكيد أنّ هذا الخلط مقصود لذاته، فطابو وبوشاشي وعسول وأمثالهم تحوّلوا اليوم إلى أهمّ أداة للمساس بالأمن القومي الجزائري، وبالتالي فلا حاجة لتحريك العديد من البيادق في الوقت الحالي، فمُحرّكو “الرموز والقادة”، يعلمون جيّدا أنّ أدواتهم البلهاء هذه، هي من سيدفع بالبلاد إلى أقصى درجات التعفن، والانزلاق والانفلات الأمني، وهي من سيُوفر كلّ الأسباب والبواعث التي سترغم أجهزة الأمن في الجزائر، على دخول صراع دموي، مُبرمج، مع الشعب الجزائري.

لكن الظاهر أنّ قوى الأمن الجزائرية، واعية هي الأخرى بطبيعة ومرامي هذه المُؤامرة، وتعرف جيدا من أين تَهبّ رياحها، ولذلك فهي التزمت بتنفيذ الأوامر، لكنها لم تنزلق إلى استعمال العنف المُبالغ فيه، ويكتفون باعتقال بعض المُحتجين مع إطلاق سراحهم بسرعة.

والحال كذلك، فإنّ مؤسسة الجيش التي تُراقب عن كثب وعن قرب كل هذه الأحداث، سوف لن تسمح بكلّ تأكيد، للمُغامرين والمُقامرين بأمن واستقرار البلاد، أن يجُرّوها إلى صراع مع هذا الشعب الذي كافحت من أجل إخراجه من أتون حرب إرهابية، ودفعت من أجل ذلك قوافل من الشهداء، وهي بكل تأكيد كذلك، سوف لن تنحاز إلا لمصلحة الجزائر وشعبها واستقراره وأمنه، كما أنّ الشعب الجزائري الذي عانى الويلات لعقود من الزمن، ودفع أعلى فاتورة دم في العشرية الحمراء، سوف لن ينزلق إلى العنف المُخطط والمُبرمج، ولن يُعطي أية فرصة للحركى الجُدد، كي يُنفّذوا مُخطط أسيادهم من غير الجزائريين، وسيتعامل مع هذا الظرف الحساس والهام بوعي كبير وإستراتيجية مُحكمة، سيخلط من خلالهما أوراق المتآمرين وبيادقهم.

في الختام وبرأيي دائما، أن الشعب الذي يُراقب كل كبيرة وصغيرة اليوم، سيصدر حكمه القاطع على كل طرف، ليزيد بذلك “الشخصيات” القزمية المتاجرة بهمومه، تقزّما، ويوجه التحية لمن ناضل في سبيل حماية البلاد والعباد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى