اقتصاد وأعمالالجزائرالرئيسيةسلايدر
أخر الأخبار

صندوق النقد الدولي يوصي بإصلاحات مالية ونقدية وزيادة مرونة سعر الصرف  

نسرين لعراش

عبر صندوق النقد الدولي، الإثنين، عن وضع مقلق تجاه وضعية الاقتصاد الجزائري، محذرا من تداعيات “استمرار” ارتفاع عجز الموازنة على المدى المتوسط ​​، مقترحا على الحكومة الجزائرية وصفة جديدة لمواجهة الأزمة.

ودعا الصندوق، بيان صحفي، صدر الإثنين، في العاصمة واشنطن، عقب انتهاء مهمته في الجزائر، بموجب المادة الرابعة من نظامه الأساسي، الجزائر “بشكل عاجل” لإعادة ضبط سياستها الاقتصادية من أجل “تصحيح الاختلالات الاقتصادية الكلية”.

وسجل الصندوق، أن التدابير الصحية المتخذة “في الوقت المناسب” من قبل الحكومة الجزائرية لمجابهة جائحة كوفيد-19، سمحت بحماية الاقتصاد الجزائري.

وترأست البعثة، رئيسة قسم الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، السيدة جنيفياف فيردييه، التي ثمنت “مجموعة الإجراءات الشاملة المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية للحد من تأثير الجائحة على الاقتصاد، بما فيها تأجيل دفع الضرائب، وزيادة الإنفاق على الصحة، وصرف إعانات البطالة، والتحويلات الفورية للأسر ذات الدخل المنخفض وتخفيضات في معدل الفائدة التوجيهي للبنك المركزي وفي نسبة الاحتياطيات الإجبارية، وتخفيف القواعد الاحترازية المطبقة على البنوك”.

وأكدت البعثة في البيان الذي نشر اليوم الاثنين، على الحاجة الملحة لإعادة ضبط السياسات الاقتصادية بهدف تصحيح الاختلالات الاقتصادية الكلية مع ضمان الحماية والدعم للفئات الأشد ضعفا .

وأكدت البعثة على أن انتقال الجزائر إلى نموذج جديد للنمو، يتطلب القيام بإصلاحات هيكلية واسعة النطاق، بما في ذلك إجراءات تحسين الحوكمة الاقتصادية ودعم نمو قطاع خاص ديناميكي وخلق فرص العمل.

وقام فريق خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة السيدة جنيفياف فيردييه بإجراء مناقشات عبر التواصل عن بعد مع السلطات الجزائرية خلال الفترة من 13 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2021 في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2021.

وقالت البعثة في بيانها: “كانت للجائحة والتراجع المتزامن في إنتاج وأسعار النفط انعكاسات سلبية على الاقتصاد الجزائري في السنة الأخيرة ، مما أدى إلى انكماش حاد في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.9% في عام 2020..كما كشفت الجائحة من جديد عن مواطن هشاشة الاقتصاد الجزائري. إنّ الاختلالات الاقتصادية الكلية المسجلة منذ فترة طويلة كانت السبب في ضيق هامش المناورة لأصحاب القرار”.

وأشار خبراء الصندوق، إلى أن السياسة المالية العامة التوسعية المتّبعة منذ عدة سنوات، أدّت إلى زيادة مستويات العجز في الحساب الجاري الخارجي، رغم سياسة تقليص الاستيراد، وإلى ارتفاع كبير في الاحتياجات التمويلية التي تمت تلبيتها إلى حد كبير عن طريق البنك المركزي. كما اتسع عجز المالية العامة وعجز الحساب الخارجي من جديد في عام 2020. كما تواصل انخفاض احتياطي النقد الأجنبي إلى 48,2 مليار دولار أمريكي في نهاية 2020 من 62,8 مليار دولار في 2019 على الرغم من بقائه في مستوى مقبول.

الاقتصاد يشهد انتعاشا تدريجياً

اشارت بعثة الصندوق، إلى أن الاقتصاد يشهد انتعاشا تدريجياً، حيث من المتوقع أن يتجاوز النمو الاقتصادي 3٪ هذا العام، مدعومًا بالزيادة في أسعار وإنتاج المحروقات. كما سجل المتوسط السنوي لمعدل التضخم تسارعا إلى 4.1% في يونيو 2021، الراجع جزئيا عن أثر ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الغذائية وفترة جفاف. وعلى المدى المتوسط، من المرجح أن يظل النمو ضعيفًا بسبب التراجع المتوقع للقدرة الانتاجية في قطاع النفط في سياق تخفيض الاستثمارات المقرر في عام 2020 والسياسات الحالية التي من شأنها الحد من القروض الممنوحة للقطاع الخاص. ورغم انتعاش النشاط الاقتصادي والتحسن الواضح في رصيد الحساب الخارجي في 2021،لا يزال هناك ضرورة ملحة للعمل على استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وهامش المناورة، مع حماية الفئات الأكثر ضعفا ودعم الانتعاش.

ضغوط محتملة على تمويل الاقتصاد

ومن وجهة نظر فريق البعثة، فإن استمرار مستويات عجز المالية العامة المرتفعة على المدى المتوسط سيؤدي إلى احتياجات تمويلية غير مسبوقة، وسيستنفذ احتياطيات الصرف ويسبب مخاطراً على التضخم وعلى الاستقرار المالي وعلى ميزانية البنك المركزي. وبوجه عام، فإن ذلك سيُعرقل بشدة قدرة البنوك على الإقراض لبقية قطاعات الاقتصاد، مما سيسبب آثارا سلبية على النمو.

الحاجة لإصلاحات مالية ونقدية وحظر التمويل النقدي

توصي البعثة بحزمة شاملة ومتماسكة من السياسات المالية والنقدية وسياسات أسعار الصرف لمواجهة الاختلالات في الاقتصاد الجزائري. وتدعو إلى إطلاق مخطط تصحيح واسع النطاق لأوضاع المالية العامة، بدءا من 2022 ومواصلته في مراحل على مدار عدة سنوات لتحقيق استمرارية الدين العام مع إعطاء الأولوية لتدابير حماية الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً. وتوصي البعثة بتركيز عملية ضبط المالية العامة على تحسين تحصيل الإيرادات، وخفض الإنفاق، وتعزيز كفاءته. وتدعو إلى حظر التمويل النقدي لتجنب المزيد من التضخم والنفاذ السريع للاحتياطيات، مع تنويع مصادر تمويل الميزانية – بما في ذلك الاقتراض الخارجي. وترى البعثة أن زيادة مرونة سعر الصرف قد تعزز قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية، بينما سيسمح تضييق السياسة النقدية باحتواء الضغوط التضخمية.

الانتقال إلى نموذج نمو جديد يتطلب إصلاحات جوهرية وزيادة حوكمة المؤسسات

تتفق البعثة مع السلطات الجزائرية على أن انتقال الجزائر إلى نموذج نمو جديد يتطلب أيضًا إصلاحات جوهرية لتعزيز الشفافية وحوكمة المؤسسات القانونية والمالية والنقدية في كل القطاع العام وتقليص الحواجز للدخول إلى القطاع الرسمي. ويعد تنفيذ القانون العضوي المتعلق بقانون المالية خطوة مهمة لتحسين الحوكمة المالية. كما عبرت البعثة عن ترحيبها بجهود السلطات لتقليص القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر ومخططها لعصرنة الإطار القانوني للاستثمار والمنافسة، مما سيساعد على تنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على المحروقات وتعزيز استثمارات القطاع الخاص وخلق فرص العمل. كما ترحب البعثة بالإعلانات الأخيرة حول خطط تخفيف الأعباء الإدارية والإصلاحات المقبلة للحد من الفساد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى