الجزائر

رئيس غرفة الموثقين لناحية الغرب: “قانون التوثيق الحالي تجاوزه الزمن”  

Ads

وهران- الجزائر اليوم – مراسلة خاصة  

تنظيم غرفة التوثيق لناحية الغرب الخميس 25 ماي الجاري، يوما دراسيا بفندق الشيراطون بوهران، تحت عنوان: “تصحيح الأخطاء في العقود التوثيقية ومسؤولية الموثق”.

وقال البروفيسور بردان رشيد رئيس الغرفة الجهوية للموثقين لناحية الغرب، إن اللقاء يكتسي طابعا مهما للغاية، لكون إشكالية الأخطاء في العقود التوثيقية، باتت سيفا فوق رقاب الموثقين الذين أصبحوا معرّضين للمتابعات الجزائية بسبب أخطاء مادية بسيطة، لم يُوجد قانون التوثيق آلية واضحة لتصحيحها.

وأضاف رئيس الغرفة الجهوية، أن العديد من الموثقين تمّت متابعتهم أمام العدالة للسبب المذكور آنفا، وأنّ أكثر من 99 % من المتابعات انتهت ببراءة هؤلاء الموثقين، الأمر الذي يعكس بوضوح أن قانون التوثيق الحالي لم يعد يتماشى ومتطلبات مهنة التوثيق التي تُعد ركيزة أساسية للأمن القانوني للمجتمع على اعتبار أن الموثق هو قاضي الإرادة، الذي يكرس الهدوء والطمأنينة في شتى المعاملات، والعقود التي يبرمها الأطراف.

وتأسف المتحدث، لكون الموثق لا يحظى بهذه الطمأنينة، فهو ضحية ثقافة التجريم، مضيفا: “كيف يعقل أن تُمكن القوانين القاضي من تصحيح الأخطاء المادية في الأحكام التي يُصدرها، وتمكن ضابط الحالة المدنية والمحافظ العقاري من الميزة نفسها، في حين تحرم الموثق من آلية تصحيح هذه الأخطاء التي غالبا ما لا تمُس بوضع الأطراف المتعاقدين، إذ بمُجرّد إمضاء العقد وشهره يقيد القانون الموثق، ويمنعه من تصحيح حتى “الأخطاء القلمية”، كالخطأ مثلا في تاريخ ميلاد أحد أطراف العقد، ما يعرض الموثق للمتابعة الجزائية”.

ويرى البروفيسور بردان، أن للموثق مسؤولية مهنية وليس مسؤولية مدنية، لأنه لا مصلحة له في العقود المبرمة بمكتبه العمومي، فالموثق هو بالأساس ضابط عمومي، ويخضع لرقابة وزارة العدل، وهو ينوب عنها فقط في بعض مهامها، وبالتالي فتجريم الممارسة التوثيقية بهذا الشكل المُريع، يمس كذلك بسمعة الوزارة الوصية، التي انطلقت في تكريس إصلاحات كبيرة في قطاع العدالة، وينتظر منها الموثقون أن تلتفت إلى قطاعهم، وتخصه بالإصلاحات الضرورية التي تمكنه من لعب دوره الرئيسي في نشر الطمأنينة والهدوء في المعاملات التعاقدية.

 

الجزائر تتبع التوثيق اللاتيني لكنها متأخرة جدا

وأستطرد المتحدث، أن مهنة التوثيق في الجزائر، تتبع التوثيق اللاتيني الذي ترتكز على العقود الرسمية المكتوبة، بعكس التوثيق العرفي، لكننا في الجزائر يضيف البروفيسور بردان، لا نزال متأخرين جدا عن بعض البلدان اللاتينية، كفرنسا التي أقرت آليات عديدة لتصحيح العقود التوثيقية، كالعقد التصحيحي والشارة التصحيحية، والتأشيرة التصحيحية، في حين أن قانون التوثيق عندنا لا يتعرض إلى هذه الإشكالية إلا في مادة واحدة هي المادة 26، والتي هي بالأساس غير واضحة، ولا تمكن الموثق من تصحيح الأخطاء المادية والقلمية.

وأوضح البروفسور بردان، أن الوقت قد حان لسدّ هذا الفراغ القانوني، لحماية الموثق من جهة، والحفاظ على حقوق المتعاقدين، فكيف يمكن بحسبه استدعاء أطراف العقد بعد مرور سنوات على تاريخ إبرامه لتصحيح خطأ بسيط، علما هنا أنه لا يمكن استبعاد وفاة أحد أطراف العقد، أو سفره إلى بلد بعيد، وهذا ما من شأنه أن يضر بحقوق باقي الأطراف المتعاقدة.

ويضيف رئيس الغرفة الجهوية للتوثيق، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي، الذي سيحضره قضاة ومحامون وموثقون، الهدف الأساس منه رفع توصيات إلى المشرع الجزائري، على شكل خارطة طريق، لإيجاد آليات لتصحيح الأخطاء في العقود التوثيقية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على المراكز القانونية للأطراف المُتعاقدة، بالشكل الذي يضع حدّا لثقافة التجريم التي يعاني منها الموثقون بالدرجة الأولى، وأشار إلى أن جدول أعمال هذا اليوم الدراسي يتضمن مداخلتين لموثقين إثنين، وأخرى لأحد القضاة، بالإضافة إلى مداخلة للأستاذ الجامعي والمحامي عبد القادر بن داود، وكل ذلك بهدف تشريح هذه الإشكالية بشكل قانوني وأكاديمي، وإيجاد الحلول لها، وأضاف في سياق آخر، أن مهنة التوثيق تتجه اليوم صوب تجسيد التوثيق السيبرياني، أي العقد التوثيقي الإلكتروني، وأنه من المنتظر إطلاق هذا العقد مع نهاية شهر ديسمبر القادم.

من جهته أشار رضا بن ودان موثق بوهران ومكلف بالإتصال بالغرفة الجهوية للموثقين لناحية الغرب، إلى أن الغرفة ستعمل كل ما بوسعها لتوسيع دائرة الإتصال فيما بين الموثقين عبر شبكة “الأنترانت”، وفيما بينهم وبين المواطنين عبر وسائل الإعلام بالدرجة الأولى، إضافة إلى الموقع الإلكتروني للغرفة الذي هو اليوم عملي، وكل ذلك لتغيير نظرة الآخرين إلى الموثق وتصحيح صورته التي شوّهتها ثقافة التجريم، فبرأيه أن غالبية الموثقين يعيشون حالة قلق دائمة ومستمرّة، خوفا من الوقوع تحت طائلة المتابعة الجزائية، فالموثق بحسبه يعتمد على الوثائق التي يُقدمها أطراف العقد، ومن المستحيل في أحيان كثيرة أن يتبين للموثق أن بعض الأوراق مزورة، وأشار هنا إلى أنه حتى القاضي يستعين بالخبرة لمعرفة ما إذا كانت بعض الوثائق مزورة أم لا، وهو الأمر غير المُتاح للموثق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى