أراء وتحاليل

تل أبيب: الأسد أذهل الاستخبارات الغربية

يحيى دبوق *

التطورات الميدانية الأخيرة في الساحة السورية مدعاة قلق من جهة تل أبيب. «الكباش» بين الروس والأتراك، والنجاح الميداني للجيش السوري وحلفائه، يزيدان من تعقيد الميدان ويُغلّبان القوى المعادية لإسرائيل في هذه الساحة. كذلك تنظر تل أبيب بقلق الى إعلان موسكو أنها ستنشر منظومة دفاعية متطورة تغطي معظم الفضاء السوري (اس 400)، وترى أنه تطور سيؤدي حتماً الى تغييرات ميدانية ويدفعها أكثر الى الانكماش، لأنه ينعكس سلباً على مصالحها ومخططاتها للساحة السورية.

وبدا واضحاً أمس، وأول من أمس، أنّ توصيات صدرت للمسؤولين الإسرائيليين بالامتناع عن التعليق على إسقاط تركيا للقاذفة الروسية، وعن اتخاذ أي موقف تجاه الحادثة وتداعياتها، إلا أن ذلك لم يمنع المعلقين الإسرائيليين، وأيضاً مصادر أمنية وسياسية، من التعبير عن الموقف المشبع بالقلق تجاه هذه التطورات.

ونقل موقع «المصدر» الإسرائيلي موقف تل أبيب من التطورات الأخيرة في سوريا، مشيراً إلى أنه «من ناحية إسرائيل، فإن اتخاذ روسيا قرار نشر منظومة اس 400 لحماية الأجواء السورية يمكنه أن يحد من نشاط سلاح الجو الإسرائيلي فوق سوريا، ضد جهات ومنظمات تخطط لإلحاق الضرر بإسرائيل، مثل حزب الله»، مضيفاً أن «إرسال هذه المنظومة إلى سوريا سيجعل الوضع أكثر تعقيداً لجهة نشاط سلاح الجو الهادف إلى منع وصول أسلحة إلى حزب الله في لبنان، وكذلك لجهة التصدي لمخططات أمنية ضد إسرائيل انطلاقاً من الجولان».

ويؤكد الموقع، المعروف بصلاته بالاستخبارات الإسرائيلية، أن تل أبيب موجودة حالياً في موقع صعب بالنسبة إلى روسيا وتركيا، تجاه كل ما يحدث في الساحة السورية، «علماً بأن إسرائيل تختلف مع الروس بشأن بقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد وتعزيز المحور الشيعي، فهي (إسرائيل) لا تريد أن تزداد قوة حزب الله في لبنان، وهي تنظر بعين الرضا إلى الجهود العربية الرامية إلى الحد من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة».

وقال مصدر سياسي إسرائيلي لموقع «واللا» العبري إن «(الرئيس السوري بشار) الأسد أثبت قدرة صمود هائلة لم يكن يتوقعها أحد»، وأضاف أنّه «خلافاً للاعتقاد الذي كان سائداً من قبل، فإن الأسد لا ينوي الاكتفاء فقط بالمدن الساحلية في إطار المفاوضات المفترضة حول سوريا، وهو لن يتنازل أبداً عن دمشق وعن محيطها، بل أيضاً سيسعى الى استعادة كل الأراضي السورية». وينقل الموقع عن مصادر غربية أن «تصرفات الأسد أذهلت بالفعل محافل الاستخبارات في الغرب، خاصة أنه نجح في المحافظة على وحدة الجيش السوري وعلى حلفه مع إيران وحزب الله، وأيضاً نجح في إنشاء حزام أمني يحيط بدمشق والمدن الساحلية في سوريا».

أما عن الموقف الروسي، فأشار المصدر إلى أن إسرائيل كما الغرب عموماً، يتابعون عن كثب كل النشاطات الروسية في سوريا، وهم «في إسرائيل يقدّرون أن الروس لن يستطيعوا إتمام المهمة في القضاء على داعش خلال الأشهر الستة المقبلة»، مشيراً إلى أنه «لا توجد أي دولة في المنطقة تتوافق مع الروس في أفكارهم، ما يبقيهم وحيدين، رغم أن كل الدول التي تهاجم موسكو تفعل ذلك من منطلق مصلحتها الخاصة وليس على أساس المصلحة المشتركة لمعارضي التدخل الروسي في سوريا».

وتوقع مصدر سياسي إسرائيلي أن يغيّر الروس من موقفهم في سوريا، ليس باتجاه الانكفاء عن هذه الساحة، بل باتجاه زيادة التورط فيها. وقال المصدر إن الرئيس فلاديمير بوتين لن يتراجع، وسيواصل مساعيه للتغلب على داعش، و«هناك إصرار روسي واضح على الانتصار، بل ووفقاً للتقدير في إسرائيل، فإن الروس سيعززون من وجودهم العسكري في سوريا بشكل كبير، بما يشمل دراسة توسيع الأنشطة البرية الروسية… ومهما حصل، فإنهم لن يتخلوا عن المهمة».

وكانت القناة العاشرة العبرية قد أشارت إلى وجود تقدير في تل أبيب يفيد بأن أنقرة باتت تسأل نفسها عن ردّ موسكو في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية، «ليس إذا كانت سترد، بل كيف سترد ومتى سترد؟». وصحيح أنهم «لن يردوا عسكرياً، إلا أن الرد سيشمل إجراءات اقتصادية وسياحية قاسية جداً».

وأكدت القناة أن إسقاط الطائرة يحمل معاني كثيرة، و«هذه الحادثة تعدّ تصعيداً استراتيجياً خطيراً بين الجانبين»، ورأت أن من الصعب «تقدير خطوات شخص كبوتين» وماهية الرد وأسلوبه، رغم إمكان ترجيح الرد الأمني الذي لا يترك بصمات. أما عن سبب إقدام تركيا على إسقاط الطائرة، فأشارت القناة إلى أن «تركيا ستفهم في نهاية المطاف أنها أخطأت، رغم أن الموقف التركي يخشى من سقوط تنظيم داعش، وهذه هي المهمة التي يعمل عليها الروس، لأنهم يخشون تبعاً لذلك أن ينتصر الأكراد في سوريا، وأن يتوسع نفوذهم»، وهو ما يعدّ في تركيا هزيمة كبيرة جداً.

 

* الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى