أراء وتحاليلاقتصاد وأعمالالجزائرالرئيسيةسلايدر
أخر الأخبار

تجاوزت لأول مرة 4.5 مليار دولار: طموحات الجزائريين في التصدير يجب أن ترفق بإصلاحات جدية وبتجريم البيروقراطية

عبد الحميد حسان

تجاوزت صادرات الجزائر خارج المحروقات 4.5 مليار دولار، خلال السنة الجارية وهذا لأول مرة منذ الاستقلال، في توجه يعزز طموحات قطاع الاعمال الوطني في تنويع الاقتصاد واقتحام الأسواق الخارجية.

ويكشف هذا التحسن من حيث القيمة وقائمة المنتجات التي باتت قابلة للتصدير خارج قطاع الهيدروكاربونات، إلى إرادة بدأت تتبلور لدى صانع القرار الجزائري، من أن الاستمرار في الاعتماد على قطاع وحيد ستكون له عواقب وخيمة على الأمن الوطني على المدى المتوسط، بالنظر إلى زيادة التعداد السكاني وإلى عدم كفاية الإنتاج الوطني من المحروقات لتلبية الطلب المحلي المتعاظم، من جهة، وتوفير احتياطات دولية لتمويل التنمية.

وتتقاطع هذه الإرادة مع توجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى تقليص التبعية للمحروقات إلى 80% على المدى القصير من 98% حاليا، كمرحلة أولى، وخاصة أن مظاهر بداية التحول أصبحت حقيقة من خلال إعادة إطلاق الكثير من المشروعات الاقتصادية التي كانت معطلة في العديد من القطاعات الاستراتيجية ومنها الحديد والصلب والفوسفات والصناعات الغذائية والزراعات الاستراتيجية، مما يسمح بخلق قيمة مضافة بهامش كبير جدا، وفي هذا السياق أصبحت وزارة التجارة تسمى وزارة التجارة وترقية الصادرات.

الصادرات كمحرك للنمو الاقتصادي

توفّر دولة مثل الجزائر على فوائض سلعية قابلة للتصدير، ليس مجرد وهم في اذهان بعض الاقتصاديين المتفائلين، بل حقيقة ستبرز للعيان، بشرط بعض الجهد من صناع القرار وانخراط قطاع الاعمال إيجابيا. فبلد مثل الجزائر على بعد ساعات فقط بالطائرة من عواصم جنوب أوروبا، والمشرق العربي ودول افريقيا، يتوفر على 40 مليون هكتار من المساحة القابلة للزراعة، وقدرات طاقوية هائلة، بإمكانه تزويد دول كاملة بالمنتجات الزراعية، فضلا عن القدرات الصناعية التي يتوفر في عدة مجالات، منها الحديد والصلب والفوسفات والاسمدة والاسمنت ومواد البناء والمواد الكهربائية والالكترونيات، وهذا باستغلال كل الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي وقعتها الجزائر سابقا ولم تستغل اطلاقا لصالح الاقتصاد الوطني، وايضا العمل على الاندماج في الفضاءات التجارية والجمركية في الجوار الافريقي والعربي حتى لا تبقى الجزائر على هامش الحركية الاقتصادية الدولية.

بناء قاعدة لوجيستية لتسهيل التصدير

بلغت الصادرات خارج المحروقات 12.3 % من مجموع عمليات الصادرات التي تمت خلال الأشهر الثمانية الاولى من السنة الجارية، حسب المعطيات التي قدمتها وزارة التجارة وترقية الصادرات.

هذه الأرقام مهمة ولكنها مجرد بداية، لأن دولة مثل الجزائر ولو أنها تأخرت كثيرا، إلا انها تتوفر على قدرات مهولة عندما تتوفر النوايا الصادقة، ولكن الانخراط مطلوب من جميع الفاعلين. من غير المقبول أن يشتكي مصدر بطاطا مثلا في وادي سوف، من غياب قاعدة لوجستية ومن مطار مجهز بمخزن مبرد وبشبكة توضيب وتغليف بمعايير دولية.

فعلا هذا ليس من مهام الدولة في اقتصاد حر، لأنه من صميم المقاولة الحرة وقطاع الاعمال، ولكن هذا لا يعني |ان الدولة لا تلعب دورها في تحسين مناخ الاعمال ولعب دورها أيضا في الضبط للقطاع الاقتصادي وتسهيل ولوج الاستثمارات الدولية التي ترغب في الدخول للسوق الوطنية.

بنوك وشركات تأمين مرافقة على الصعيد الدولي

من غير المعقول ان يستمر رئيس الجمهورية في ترديد أنه من الضروري فتح بنوك وشركات تأمين جزائرية في الخارج ليس فقط لاستقطاب أموال الجالية الوطنية في الخارج، بل أيضا لمرافقة الشركات الوطنية التي ترغب في التصدير واقتحام أسواق خارجية كما فعلت كل بلاد الدنيا. الرئيس عبد المجيد تبون، يكرر في كلا مناسبة هذا الأمر، الحكومة لا جواب إلى غاية اليوم.

بالإضافة إلى ضرورة التسريع بفتح البنوك وشركات التامين وتعزيز إجراءات المرافقة من تسهيلات ضريبية وجبائية وتجريم البيروقراطية وفرض أقصى العقوبات على الموظفين البيروقراطيين وجعل الفعل البيروقراطي ضمن الجرائم التي تهدد الأمن القومي والإسراع بفرض عقوبات تتناسب مع ذلك، يتوجب على الحكومة تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية ليس فقط في الترويج للمنتجات الجزائرية بل في تسويق وجهة الجزائر في مجال الاستثمار والسياحة الثقافية والدينية وسياحة الاعمال والتكوين وتسويق الجامعات الجزائرية ومعاهد التكوين والسياحة العلاجية، وجعل ذلك على راس أولويات الجهاز الدبلوماسي، وكل هذا سيبقى مجرد وهم وعبث لا طائل من وراءه في غياب مراجعة جدية وجادة لقانون القرض والنقد الذي تجاوزته الاحداث والمضي في عمليات رقمنة الاقتصاد بشكل جدي وسريع وليس متسرع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى