اتصالالجزائرالرئيسيةالعالمسلايدر

بدعوة من بوتفليقة: هل تحرك زيارة ولي العهد الاستثمارات السعودية بالجزائر؟

*ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في زيارة رسمية إلى الجزائر يومي الأحد والاثنين

يوسف محمدي

يقوم ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، بداية من يوم غد الأحد، بزيارة رسمية إلى الجزائر تدوم يومين، على رأس وفد رفيع المستوى، حسب ما أفاد به اليوم السبت بيان لرئاسة الجمهورية.

وأوضح ذات المصدر أنه “في إطار العلاقات الأخوية المتينة التي تربط الجزائر والمملكة العربية السعودية، يؤدي سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل  سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، زيارة رسمية للجزائر يومي 24 و25 ربيع الأول 1440 هجري الموافق لـ 2 و3 ديسمبر  2018 ، على رأس  وفد عالي المستوى يضم أعضاء في الحكومة ورجال أعمال وشخصيات سعودية بارزة”.

وتأتي هذه الزيارة يضيف البيان، “لتوطيد العلاقات المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وستسمح بإعطاء دفع جديد للتعاون الثنائي وتجسيد  مشاريع الشراكة والاستثمار وفتح آفاق جديدة لرجال الأعمال من أجل رفع حجم التبادل التجاري وتوسيع الشراكة الاقتصادية بين البلدين”.

كما ستعطي هذه الزيارة “زخما متجددا لمختلف الورشات الثنائية المنبثقة عن اجتماع الدورة الثالثة عشر للجنة المشتركة الجزائرية-السعودية، المنعقدة  بالرياض في أفريل الفارط، والتي توجت بالتوقيع على عدة اتفاقيات للتعاون”.

وخلص بيان رئاسة الجمهورية الى أن “زيارة سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية ستكون فرصة للتباحث وتبادل وجهات النظر بشأن المسائل السياسية  والاقتصادية العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في بعض الدول الشقيقة، إضافة إلى تطورات سوق النفط”.

وكشفت مصادر دبلوماسية بالعاصمة الجزائر، أن الزيارة ستدوم يومين نظرا لأهميتها العالية للطرفين، حيث سيلتقي ولي العهد السعودي، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وعدد من كبار المسؤولين عل غرار رؤساء مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني والوزير الأول أحمد أويحيى.

وتعتبر الجزائر محطة غاية في الأهمية في جولة ولي العهد السعودي بالنظر إلى وزن الجزائر الاستراتيجي في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا عموما بالنظر إلى حجم اقتصادها وعدد سكانها الذي يناهز 42 مليون نسمة، ما يجعلها دولة محورية ليس فقط في العلاقات العربية – العربية، بل في العلاقات العربية مع بقية العالم لا سيما بالنظر إلى دبلوماسيتها التي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فضلا عن وقوفها على مسافة واحدة من كل الفرقاء في جميع الخلافات العربية التي عرفتها المنطقة منذ 2010 في ما يسمى “الربيع العربي”.

وجاءت زيارة ولي العهد السعودي، في ظرفية إقليمية ودولية غاية في الحساسية، بالنظر إلى الضغط المركز الذي تتعرض المملكة العربية السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتواجد في قلب عاصفة هوجاء من الانتقادات الدولية بسب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني أكتوبر المنصرم، الجريمة التي إدانتها الجزائر بقوة مجددة ثقتها بالعدالة السعودية.

وتأتي زيارة ولي العهد، استجابة لدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كما تندرج ضمن جولة عربية بدأها الأسبوع الماضي من الإمارات العربية المتحدة عشية اجتماع مجموعة الـ20 في الأرجنتين، وتشمل أيضا كلا من تونس وموريتانيا، و”ستكون الجولة مناسبة للتأكيد على تميز العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى مستويات أفضل” عملا بـتوجيهات من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

الاستفادة من حكمة بوتفليقة لترميم البيت العربي

وتأمل العديد من الأطراف المتابعة للعلاقات العربية- العربية، والجزائرية -العربية، أن تسهم زيارة ولي العهد السعودي في هذه الظرفية إلى الجزائر، في حلحلة العديد من الملفات سواء ما تعلق منها بالملفات ذات الصلة بترميم العلاقات العربية والمضي نحو إصلاح ذات البين عربيا، بالاستفادة من حكمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يعتبر من كبار الدبلوماسيين في العالم، حيث عاصر جميع الأزمات العربية خلال الـ60 سنة الأخيرة سواء داخل الجامعة العربية أو أروقة الأمم المتحدة، فضلا عن صحة الرؤية الجزائرية من أمهات القضايا العربية سواء داخل الجامعة العربية أو بتلك التي كانت لبعض دول الخليج اندفاعات وتسرع عادت بنتائج عكسية، على غرار الوضع في سوريا أو اليمن، الذين كان للجزائر موقف مغاير لمواقف دول الخليج.

ويمكن القول على أكثر من صعيد، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يمكن أن يكون بمثابة الناصح الأمين في الكثير من الملفات العربية، وبخاصة أنه أخر الزعماء في المنطقة من جيل المخضرمين، وأكثر من ذلك فإن حكمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تتجلى في كونه من دعاة النصح في السر.

 

مسار تقارب قوي

تعتبر زيارة محمد بن سلمان، تتويجا لمسار تقاربي وجهد دبلوماسي، بدأ في العام 2016 من خلال الرسالة التي بعث بها بوتفليقة إلى جلالة الملك سلمان، عبر المستشار الخاص برئاسة الجمهورية الطيب بلعيز، ثم أعقبها برسالة ثانية في نوفمبر 2017 عبر وزير العدل الحالي الطيب لوح، مما أسهم في تقريب وجهات النظر في العديد من القضايا السياسية والجيوساسية والاقتصادية وفي مقدمتها إدانة الجزائر داخل الجامعة العربية للتدخل الإيراني في المنطقة العربية، والتنديد بالهجمات الصاروخية لجماعة أنصار الله اليمنية ضد مواقع داخل التراب السعودي، ثم بعدها النأي بنفسها والتزام الحياد في الخلاف السعودي الخليجي ضد حزب الله اللبناني داخل الجامعة العربية وتصنيف الأخير منظمة إرهابية.

 

هل تعيد الزيارة بعث الاستثمارات السعودية في الجزائر

قياسا بالعلاقات السياسية بين الجزائر والرياض، التي اتسمت بزيادة منسوب الثقة والتقارب بعد 2016 وخاصة بعد زيارة الزير الأول الأسبق عبد المالك سلال إلى الرياض، بعد فترة الركود التي أعقبت ثورات ما يسمى الربيع العربي وبعض التدخلات الخليجية والسعودية في دول عربية تحت ذرائع مختلفة، فإن زيارة سلال أسهمت بشكل واسع في توضيح مواقف الجزائر من أزمات سوريا واليمن ولبنان وليبيا والتدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، وهي للإشارة مواقف تعتمد على مبادئ ثورة نوفمبر والدستور الجزائري الذي يحرم التدخل في شؤون الدول.

على الصعيد الثنائي، ينظر إلى الزيارة رغم ظرفيتها الزمنية الخاصة، على أنها فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والرياض، وخاصة أنها علاقات تتوفر على كل المقومات للدفع بها، ومنها حاجة الجزائر للاستثمارات العربية والخارجية عموما في ظرف تعاني فيها من شح موارد ناتج عن تراجع أسعار الهيدروكاربونات في السوق العالمية، بالإضافة إلى حاجتها إلى جهد إضافي من الرياض داخل منظمة أوبك للعمل سويا مع حلفاء آخرين على غرار روسيا ودول خليجية لتخفيض الإنتاج من أجل التأثير إيجابا على الأسعار التي فقدت أزيد من 20 دولارا في اقل من شهرين.

وتملك السعودية وروسيا إمكانية لتغير المنحى التنازلي للأسعار من خلال موقف موحد خلال الاجتماع القادم لمنظمة الدول المصدرة للنفط في العاصمة فيينا في ديسمبر الجاري، وخاصة من خلال الاتفاق الإطار الذي تم توقيعه في الجزائر في اجتماع استثنائي في سبتمبر 2016.

 

قطاعات عديدة جاذبة

بقدر حاجة الرياض إلى نافدة مهمة استراتيجيا بحجم الجزائر الدولة المحورية في شمال إفريقيا، فإن الأخيرة -الجزائر – في مرحلة تحتاج فيها لتنويع اقتصادها وإلى الموراد والعوامل التي تساعد على ذلك ومنها الاستثمارات الأجنبية والعربية المباشرة.

وتوفر السوق الجزائرية ليس فقط فرصة للاستثمارات السعودية في قطاعات حيوية منها الصناعة والعقارات والفلاحة حيث تتوفر الجزائر على حوالي 10 ملايين هكتار أراضي صالحة للزراعة يمكن أن تحقق الأمن ليس للجزائر بل والسعودية ودول عربية أخرى، فضلا عن قطاع البتروكمياويات والطاقة بصفة عامة، والخدمات واللوجيستيك والمالية وخاصة بعد تحضير الإطار القانوني للصيرفة الإسلامية حيث تعتبر السعودية من رواد هذه الصناعة في المنطقة والعالم.

 

ضعف المبادلات التجارية

على الرغم من وجود العديد من الاتفاقات التي تحكم مجال التبادل البيني سواء ما تعلق الجمارك أو النقل أو المالية عموميا، إلا أن التبادل التجاري بقي في مستويات ضعيفة جدا، لم تتجاوز في 2017 ما يناهز 619 مليون دولار، في حين بلغ مخزون الاستثمارات السعودية بالجزائر حوالي 3 مليار دولار، غير أن رجال الأعمال السعوديين طرحوا مشاريع في مجالات السياحة والطاقة الشمسية وصناعة الورق والمنتجات الطبية والخدمات المعلوماتية، لكن ورغم التوقيع عليها، إلا أنها بقيت معلقة بسبب تمسك الجزائر بالقاعدة الاستثمارية 51/49 التي تلقى انتقادات من المستثمرين الأوروبيين والعرب، فضلا عن تغول اللوبي الفرنسي في الإدارة الاقتصادية الجزائرية الذي منع عن الجزائر فرصا هامة منذ 2000.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى